[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] رؤوس النعم[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ذكرنا أن نعم الله تعالى لا تعد ولا تحصى، ولكن يمكن أن نذكر رؤوس
تلك النعم: 1 -
نعمة الإسلام والإيمان: وهي والله أعظم نعمة أنعم الله بها
علينا، حيث جعلنا من أهل الإسلام والتوحيد، ولم يجعلنا من الذين
سبّوا الله عز وجل ووصفوه بأقبح الصفات وأخسّها، أو من الذين عبدوا
غير الله، ونسبوا إليه الولد، تعالى الله عما يقولون علوّاً
كبيراً.
قال مجاهد في قوله تعالى:
{وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ
ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان: 20]. قال: (
هي لا إله إلا الله ).
وقال ابن عيينة:
( ما أنعم الله على العباد نعمة أفضل من أن عرّفهم
لا إله إلا الله ). وقال ابن أبي الحواري: ( قلت لأبي معاوية: ما أعظم النعمة علينا في
التوحيد!! ) نسأل الله ألا يسلبنا إياه.
2
- نعمة الستر والإمهال: وهي أيضاً من أعظم النعم، لأن الله عز
وجل لو عاجلنا بالعقوبة لهلكنا.
قال مقاتل في قوله تعالى:
{وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ
ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} . قال:
( أما الظاهرة فالإسلام، وأما
الباطنة: فستره عليكم المعاصي ).
وقال رجل لأبي تميمة: كيف أصبحت؟ قال:
( أصبحت بين نعمتين لا أدري
أيتهما أفضل؟ ذنوب سترها الله، فلا يستطيع أن يعيرني بها أحد؟
ومودة قذفها الله في قلوب العباد لا يبلغها علمي ). وكتب بعض العلماء إلى أخ له: ( أما بعد فقد أصبح بنا من نعم الله
ما لا نحصيه، مع كثرة ما نعصيه، فما ندري أيهما نشكر: أجميل ما
يستر أم قبيح ما ستر؟! )
3 -
نعمة التذكير: قال ابن القيم: ( ومن دقيق نعم الله عل العبد
التي لا يكاد يفطن لها، أنه يغلق عليه بابه، فيرسل الله إليه من
يطرق عليه الباب يسأله شيئاً من القوت ليعرّفه نعمته عليه ).
قال سلام بن أبي مطيع: ( دخلت على مريض أعوده، فإذا هو يئن، فقلت
له: اذكر المطروحين على الطريق، اذكر الذين لا مأوى لهم، ولا لهم
من يخدمهم. قال: ثم دخلت عليه بعد ذلك فسمعته يقول لنفسه: اذكري
المطروحين في الطريق.. اذكري من لا مأوى له، ولا له من يخدمه ).
4 -
نعمة فتح باب التوبة: فمن نعم الله عز وجل على عباده أنه لم
يغلق باب التوبة دونهم، مهما كانت ذنوبهم ومعاصيهم، وفي أثر إلهي
يقول الله عز وجل:
«أهل ذكري أهل مجالستي، وأهل شكري أهل زيادتي،
وأهل طاعتي أهل كرامتي، وأهل معصيتي لا أُقنطهم من رحمتي، إن تابوا
إليّ فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب
لأطهرهم من المعايب» . وفي الحديث عن النبي أنه قال:
«إن الله
تعالى فتح للتوبة باباً من قبل المغرب عرضه أربعون سنة لا يغلقه
حتى تطلع الشمس من مغربها » [أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح].
إخواني: أين التائبون العائدون؟ أين الراكعون الساجدون؟ أين الحامدون الشاكرون؟ 5 -
نعمة الإصطفاء: وهذه النعمة يشعر بها أهل الاستقامة والورع
والإقبال على الله عز وجل دون غيرهم، فالله عز وجل ثبت هؤلاء على
دينه في زمن الفتن، وصرفهم إلى طاعته في حين أنه صرف أكثر الناس
عنها، وحبّبهم في الإيمان وزيّنه في قلوبهم، وكرّه إليهم الكفر
والفسوق والعصيان، وهذه من أعظم النعم التي يستحق عليها سبحانه
تمام الشكر وغاية الحمد.
مرّ وهب بن منبه ومعه رجل على رجل مبتلى أعمى مجذوم مقعد به برص،
وهو يقول: الحمد لله على نعمه، فقال له الرجل الذي كان مع وهب: أي
شيء بقي عليك من النعمة تحمد الله عليها؟ وكان هذا الرجل في قرية
تعمل بالمعاصي، فقال للرجل: ارم ببصرك إلى أهل المدينة، فانظر إلى
كثرة أهلها وما يعملون، أفلا أحمد الله أنه ليس فيها أحد يعرفه
غيري!!
6 -
نعمة الصحة والعافية وسلامة الجوارح: كان أبو الدرداء يقول: (
الصحة: الملك ).
وحكى سلمان الفارسي : ( أن رجلاً بسط له من الدنيا
فانتزع ما في يديه حتى لم يكن له إلا حصير بالية، فجعل يحمد الله
تعالى ويثني عليه. فقال له رجل آخر قد بسط له من الدنيا: أرأيتك
أنت علام تحمد الله؟ فقال الرجل: أحمده على ما لو أعطيت به ما أعطي
الخلق لم أعطهم إياه. قال: وما ذاك؟ قال: أرأيتك بصرك؟ أرأيتك
لسانك؟ أرأيتك يدك؟ أرأيتك رجليك؟ ).
وجاء رجل إلى يونس بن عبيد يشكو ضيق حاله فقال له يونس: ( أيسرّك
ببصرك هذا مائة ألف درهم؟ قال الرجل: لا. قال: فبيديك مائة ألف؟
قال: لا. قال فبرجليك مائة ألف؟ قال: لا. قال: فذكّره نعم الله
عليه ثم قال له: أرى عندك مئين الألوف وأنت تشكو الحاجة!! ).
7 -
نعمة المال: [الطعام والشراب واللباس]: قال بكر المزني: (
والله ما أدري أي النعمتين أفضل عليّ وعليكم، أنعمة المسلك؟ أم
نعمة المخرج إذا أخرجه منا؟ ) فقال الحسن: ( إنها نعمة الطعام ).
وقالت عائشة ا:
«ما من عبد يشرب الماء القراح ـ
الصافي ـ فيدخل بغير أذى، ويخرج بغير أذى إلا وجب عليه الشكر» .
وقال بعض السلف في خطبته يوم عيد:
( أصبحتم زهراً، وأصبح الناس
غبراً، أصبح الناس ينسجون وأنتم تلبسون، وأصبح الناس ينتجون وأنتم
تركبون، وأصبح الناس يزرعون وأنتم تأكلون )، فبكى وأبكاهم.
وقال عبدالله بن قرط الأزدي وقد رأى على الناس ألوان الثياب في يوم
العيد:
( يا لها من نعمة ما أعظمها، ومن كرامة ما أظهرها، وإنما
تثبت النعم بشكر المنعم عليه للمنعم ). أقسام النعمقال الإمام ابن القيم: ( النعم ثلاثة:
نعمة حاصلة يعلم بها العبد. ونعمة منتظرة يرجوها. ونعمة هو فيها لا يشعر بها ) فإذا أراد الله إتمام نعمته على عبده عرّفه نعمته الحاضرة، وأعطاه
من شكره قيداً يُقيّدها به حتى لا تشرد، فإنها تشرد بالمعصية
وتُقيّد بالشكر، ووفقه لعمل يستجلب به النعمة المنتظرة، وبصّره
بالطرق التي تسدّها وتقطع طريقها، ووفقه لاجتنابها، وإذا بها قد
وافت إليه على أتم الوجوه، وعرفه النعم التي هو فيها ولا يشعر بها.
ويحكى أن أعرابياً دخل على الرشيد فقال: ( يا أمير المؤمنين! ثبّت
الله عليك النعم التي أنت فيها بإدامة شكرها، وحقق لك النعم التي
ترجوها بحسن الظن به ودوام طاعته، وعرّفك النعم التي أنت فيها ولا
تعرفها لتشكرها ). فأعجب الرشيد كلامه وقال: ( ما أحسن تقسيمه ).
الوسائل التي تبعث على شكر النعم واستمرارها وزيادتهاأخي المسلم: هناك كثير من الوسائل التي تعين على شكر النعم
وزيادتها نذكر منها:
(1)
ترك المعاصي: قال مخلد بن الحسين: ( الشكر ترك المعاصي )، وفي
بعض الآثار الإلهية:
{ ابن آدم! خيري إليك نازل، وشرّك إليّ صاعد،
أتحبب إليك بالنعم، وتتبغض إليّ بالمعاصي }. (2)
الإعتراف له بالنعمة: والثناء بها عليه، وعدم استخدامها في شيء
من معاصيه، وقد سبق الحديث عن ذلك.
(3)
النظر إلى أهل الفاقة والبلاء: فإن ذلك يوجب احترام النعمة
وعدم احتقارها، ولذلك قال النبي :
«إذا نظر أحدكم إلى من فُضّل
عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فَضُل عليه »[متفق عليه]. وفي رواية:
« انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا
إلى من هو فوقكم فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم ». قال النووي: قال ابن جرير وغيره: هذا حديث جامع لأنواع الخير، لأن
الإنسان إذا رأى من فُضّل عليه في الدنيا طلبت نفسه مثل ذلك،
واستصغر ما عنده من نعمة الله تعالى، وحرص على الازدياد ليلحق بذلك
أو يقاربه، هذا هو الموجود في غالب الناس، وأما إذا نظر في أمور
الدنيا إلى من هو دونه فيها، ظهرت له نعمة الله عليه وشكرها،
وتواضع وفعل فيه الخير.
(4)
معرفة أن الإنسان بمنزلة العبد المملوك لسيده: وأنه لا يملك
شيئاً على الإطلاق، وأن كلّ ما لديه إنما هو محض عطاء من سيده. قال
الحسن:
( قال موسى: يا رب! كيف يستطيع آدم أن يؤدي شكر ما صنعت
إليه؟ خلقته بيديك، ونفخت فيه من روحك، وأسكنته جنتك، وأمرت
الملائكة فسجدوا له. فقال: يا موسى! علم أن ذلك مني فحمدني عليه،
فكان ذلك شكر ما صنعت إليه! ). ولذلك ثبت في الصحيحين أن النبي قام حتى تقطرت قدماه. فقيل له:
أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال عليه
الصلاة والسلام:
«أفلا أكون عبداً شكوراً» . أي أن كل ما فعله
الله تعالى بي من الاصطفاء والهداية والمغفرة هو محض عطاء منه
سبحانه يستحق عليه الحمد والشكر، فما أنا إلا عبد له سبحانه.
(5)
الإنتفاع بالنعم وعدم كنزها: فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
أن النبي قال:
«كلوا واشربوا وتصدّقوا من غير مبخلة ولا سرف، فإن
الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده» [أحمد والنسائي والترمذي
وصححه الحاكم].
(6)
الصدقة والبذل والعطاء: فإن ذلك من علامات شكر النعم، ولذلك
روي أن داود عليه السلام كان يقول في دعائه:
( سبحان مستخرج الشكر
بالعطاء ). ودعي عثمان بن عفان إلى قوم على ريبة، فانطلق ليأخذهم، فتفرقوا
قبل أن يبلغهم، فأعتق شكراً لله، ألا يكون جرى على يديه خزي مسلم!!
(7)
ذكر الله عز وجل: فالشكر في حقيقته هو ذكر لله عز وجل، وورد عن
مجاهد في قوله تعالى:
{إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً }[الإسراء:3]. قال:
( لم يأكل شيئاً إلا حمد الله عليه، ولم يشرب
شراباً إلا حمد الله عليه، ولم يبطش بشيء قط إلا حمد الله عليه،
فأثنى الله عليه أنه كان عبداً شكوراً ). وقال النبي : « إن الله
ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشرية
فيحمده عليها » [مسلم].
(8)
التواضع وترك الكِبر: فالكبر يضاد الشكر، لأن حقيقة الكبر هو
ظن العبد أنه المالك المتصرف، والشكر هو الاعتراف لله عز وجل بذلك.
(9)
شهود مشهد التقصير في الشكر: وذلك بأن يعرف العبد أنه مهما
بالغ في الشكر، فإنه لن يوفى حق نعمة واحدة من نعم الله تعالى
عليه، بل إن الشكر نفسه نعمة تحتاج إلى شكر، ولذلك قيل:
إن كان شكري نعمةُ الله نعمةً *** عليّ له في مثلها يجب الشكر
فكيف وقوع الشكر إلا بفضله *** وإن طالت الأيام واتصل العمر(10)
مجاهدة الشيطان والاستعاذة بالله منه: قال ابن القيّم: ( ولما
عرف عدو الله إبليس قدر مقام الشكر وأنه من أجل المقامات وأعلاها،
جعل غايته أن يسعى في قطع الناس عنه فقال:
{ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن
بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن
شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف:17]
).
(11)
ترك مخالطة أهل الغفلة: فإن مخالطتهم تنسي الشكر وتقطع العبد
عن التفكر في النعم.
قيل للحسن: هاهنا رجل لا يجالس الناس، فجاء إليه فسأله عن ذلك،
فقال: إني أمسي وأصبح بين ذنب ونعمة، فرأيت أن أشغل نفسي عن الناس
بالاستغفار من الذنب، والشكر لله على النعمة، فقال له الحسن: أنت
عندي يا عبد الله أفقه من الحسن!!
(12)
الدعاء: بأن يجعلك الله تعالى من الشاكرين، وأن يوفقك لطريق
الشكر ومنزلته العالية. ولذلك ثبت أن النبي قال لمعاذ رضي الله
عنه:
«والله إني لأحبك، فلا تنسى أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني
على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» [أحمد وأبو داود والنسائي وهو صحيح].
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]