[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ذات النطاقين (
أسماء بنت أبى بكر )
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] هى أسماء بنت عبد الله بن أبى قحافة الملقب بأبى بكر ، وأمها قتيلة بنت عبد العزى ، وأخيها عبد الله بن أبى بكر .
لما لهذة الشخصية من أهمية ومآثر عظيمة فى الاسلام ، فسنبدأ قصتها منذ ولادتها ، واسمحوا لى بالاطالة قليلا حتى تستفيد كل فتاة وكل أم
من سيرتها العطرة وتأخذ منها العبر والمواعظ وأسلوب التربية السليمة
كان ذلك المولد فى العام الرابع عشر من قبل بعثة النبى ، أسرعت أم الخير (سلمى بنت صخر )تبشر ابنها وتقول : يا عبد الله .. بارك الله
لك فى مولودتك ، فسيكون فيها الخير والبركة ، انها طويلة جميلة ، وفيها الكثير من ملامحك ، فأبشر يا أبا بكر .
ثم دخل والده أبو قحافة مسرورا وقال له : بورك لك فيها يا عبد الله ، ولعلك كنت تريد ولدا ؟
قال أبو بكر : والله يا أبتاه ما أردت وما اخترت ، وسواء أكانت بنتا أم ولدا فهو من عند الخالق ، وليبارك الله لنا فيها وفى أخيها عبد الله .
نشأت أسماء فى بيت من بيوت سادة قريش وهو بيت عز ومجد وغنى ..
وفرح أبو بكر بها كثيرا ، فقد كانت قوية الجسم ، سريعة النمو ذكية ، تحفظ وتردد الكثير من أشعار العرب وتاريخهم وأنسابهم .
تعلمت من والدها الشجاعة فى القول والعمل ، والأمانة والصدق ، وتعلمت منه الرحمة والرفق بالضعفاء ، واطعام الفقراء والمحتاجين
كانت تذهب أحيانا مع أبيها الى البيت الحرام وتطوف معه وتسأله لماذا لم يسجد للأصنام فيقول لها : ان السجود انما يكون للاله الذى خلقنا
وحده ، فتقول : أنا مثلك لن أسجد لصنم أبدا
كان أبو بكر يعيش بمكة فى الحى الذى يعيش فيه (
محمد بن عبد الله ) صلى الله عليه وسلم مع زوجته ( خديجة بنت خويلد )وكان يسمى حى التجار ، وربط
الجوار بينهما فجعل منهما صديقين مؤتلفين ، متقاربين فى السن ، ومشتركين فى عمل واحد وهو التجارة ومتفقين فى البعد عن عادات
وتقاليد الجاهلية . ولهذه الأسباب وغيرها كان أبو بكر أول من آمن بالنبى وكانت أسماء من أوائل المسلمات وترتيبها السابعة عشرة من
الذين أسلموا من بين الرجال والنساء وكانت لم تتجاوز الرابعة عشرة ..
كان أبوها يلّقنها كل ما يسمع من الرسولمن أحاديث وآيات ، بل وكانت تذهب متخفية مع المسلمات الى دار الأرقم بن أبى الأرقم ، وتهتم
بأخبار أبيها والذين يترددون على بيته وكان من بينهم الزبير بن العوام ، فأعجبت بقوة ايمانه وصبره على تحمل الأذى ودفاعه عن عقيدته
،فقد كان عمه كافرا غليظ القلب ويعذبه منذ آمن ، وهو خامس خمسة أسلموا ، وكان فى الخامسة عشرة من عمره
كانت أسماء تتتبع أخبار الزبير وحزنت من أجل ما يلقاه من عذاب ودمعت عيناها رحمة به وشفقة عليه
دخل عليها أبو بكر وآثار الدموع فى عينيها ولما سألها عرف أنها من أجل العذاب الذى يلقاه المسلمون ومنهم الزبير بن العوام ، فقال لها
أبوها : لا تحزنى فسوف أكافئه على صبره وايمانه وأعطيه ما هو أغلى من المال ان شاء الله ..
بينما أبو بكر يفكر ويخطط للحديث مع الزبير اذ دخل عليه جماعة من المقربين ومنهم الزبير ، ولما خلا به طلب منه الزبير يد ابنته أسماء
،قال أبو بكر محدثا نفسه : والله انه لمن صنع الله ! والله انه لمن صنع الله ..
انتشر الخبر فى مكة وباركه رسول الله ، فأم الزبير هى عمته صفية بنت عبد المطلب ، والعوام بن خويلد هو أخو السيدة خديجة
انتقلت أسماء الى بيت الزبير وكان فقيرا لم يكن فى بيته الا فراش خشن ووسادة من ليف وحشية وقربة من الجلد للشرب والاغتسال ، لكنها
كانت راضية ، سعيدة لم تكلف زوجها بما لايطيق ، وتهىء له أسباب الراحة ، وتشاركه فى العبادة وحفظ ما ينزل من من القرآن وذلك
أعطاه دفعة قوية نحو العمل والاجتهاد .
سافر الزبير فى تجارة الى الشام وانتقلت أسماء الى بيت أبيها لتكون مع أخيها عبد الله وأختها الصغيرة عائشة وأم رومان زوجة أبيها .
كان وقت الظهيرة حين استأذن رسول الله فى الدخول وأخبر أبا بكر بأمر الهجرة ، فقال أبو بكر : أنا معك ، الصحبة يارسول الله .
علم المشركون بذلك ، فاتجه أبو جهل الى دار أبى بكر وطرق الباب بشدة ففتحت أسماء الباب فسألها عن أبيها فقالت : لاأعرف مكانه ،
فهوى على وجه أسماء بيده القوية ولطمها على وجهها فشق أذنها وسقط القرط منها وتخضب وجهها بالدماء ثم انسحب فى خزى وعار .
بعد قليل دخل جدها وسالها عن أبيها وعرف أنه هاجر مع الرسول ، وكان أبو قحافة مازال مشركا فقال لها : الناس تقول انه أعطى كل ماله
لمحمد . قالت : أبدا ياجداه . لقد ترك لنا خيرا كثيرا . قال : أرينى يا أسماء هذا الخير الكثير
جمعت أسماء وساعدتها أختها عائشة حصوات من فناء البيت ولفتها فى قطعة من القماش ووضعتها فى الكوّة (فتحة فى الحائط ) ثم سحبت
جدها وكان قد فقد بصره ، فلمس بيده ما وضع فى الكوّة وقال : الآن استراحت نفسى يا أسماء ..
ذهبت أسماء مع أخيها الى الغار وكانت قد صنعت سفرة فيها شاة مطبوخة ومعها سقاء الماء ولم تجد ما تربط به السفرة والسقاء
ففلقت نطاقها (الحزام الذى يلف حول وسط المرأة العربية )وشقته نصفين ، وربطت بأحدهما السفرة وبالآخر السقاء ، رآها رسول الله وهى
تفعل ذلك فقال لها : أبدلك الله بنطاقك هذا نطاقين فى الجنة
ومنذ ذلك الحين سميت أسماء بنت أبى بكر بذات النطاقين
علم الزبير وهو فى الشام أن رسول الله وصاحبه هاجراالى يثرب وأن آل أبى بكر ومعهم أسماء سيلحقون بهما قريبا . أسرع الزبير متجها
الى يثرب ورحب به رسول الله ، ولكنه لم يجد أسماء قد وصلت بعد ! فانتابه القلق ، وبعد فترة جاءه البشير أن أسماء ومن معها من الأهل
توقفوا فى قباء لأنها وضعت مولودها الأول ، وهذا أول مولود يولد للمهاجرين فى المدينة . وانتشر الخبر فى المدينة ، وقضى على ما
أشيع من أن اليهود سحروا للمسلمين ولن يولد للمهاجرين مولود .
وصلت أسماء والمولود الى المدينة وحمله رسول الله وقال انه أشبه الناس بأبى بكر ، ثم مضغ ثمرة بفمه الشريف وحنكه بها ، فكان أول
ريق يصل الى جوف المولود هو ريق النبى ، وسمّاه عبد الله وهو اسم جده أبى بكر . وحمل الأنصار الهدايا والأطعمة الى بيت أسماء
وباتوا فى سعادة وسرور .
فى المدينة بدأت أسماء حياة جديدة ، تقاسم زوجها خشونة هذه الحياة ، فكانت تعلف الفرس ، فتدق له النوى وتؤكله وتسقيه الماء ، وتعجن
الدقيق وجاراتها من الأنصار يساعدنها فى الخبز . وأرسل لها والدها خادما يحمل عنها عناء العمل فقالت : كفانى سياسة الفرس فكأنما
أعتقنى
رغم هذه الظروف الا أنها هيأت لزوجها حياة مستقرة ، فلم ترهقه بالمطالب ولا بالشكايات ، ولم يتخل مرة عن غزوات الرسول ، وبشره
بالجنة فكان واحدا من العشرة المبشرين بالجنة .
أما أسماء فقد شغلت بتربية أولادها ولم تحضر من الغزوات سوى غزوة تبوك
كان عبد الله بن الزبير أول أولادها كثيرا ما تتركه عند خالته عائشة فتعلّم من النبى الكثير ، ونشأ شجاعا يجيد الضرب بالسيف واشترك فى
المعارك وهو فى سن الرايعة عشرة .
أنجبت بعد ذلك عروة بن الزبير وكان أحد الفقهاء السبعة فى المدينة ، والمنذر بن الزبير وعمل بالتجارة وكان مشهورا بحسن الخلق
والصدق والبعد عن الغش
وأيضا من أولادها المهاجر بن الزبير وعاصم بن الزبير ، أما البنات : خديجة بنت الزبير ، وأم الحسن ،وعائشة .
وقصة أسماء مع ابنها عبد الله فيها العبر ، فحينما طلب منه الحجاج بن يوسف الاستسلام وشدد عليه الحصار ذهب لأمه خلسة ليعودها فى
مرضها ويودعها الوداع الأخير ، فقالت له : اسمع يا عبد الله ، لاأحب أن أموت الا بعد أحد أمرين لا ثالث لهما ، اما أن تنتصر على
أعدائك واما أن تموت فأحتسبك عند الله . وقالت أيضا : ان كنت أردت الدنيا فلبئس العبد أنت ، أهلكت نفسك ، وأهلكت من معك ، كم
خلودك فى الدنيا ؟ القتل أحسن ، والله لضربة سيف فى عز خير من ضربة سوط فى مذلة . قال عبد الله : أخاف يا أماه ان مت أن يمثلوا
بجسدى .
فقالت أسماء كلمتها الخالدة : ( لايضر الشاة سلخها بعد ذيحها ) . فقبّلها فى جبينها وقال : انى مقتول فى يومى هذا ، فلا يشتد حزنك
وجزعك علّى ، وسلمى الأمر لله .
ضمت ابنها الى صدرها وقالت : ( اللهم انى قد سلمته لأمرك فيه ، ورضيت بما قضيت ، فقابلنى فى عبد الله بثواب الصابرين الشاكرين
دخل المسجد وأصابه سهما من سهام الأعداء فسقط قتيلا ..
أمر الحجاج بأن يصلب فى جزع نخلة ، وجاءت أسماء اليه تدعو له وتخاطبه كأنما هو حى وسمعها الحجاج وهى تقول : أما آن لهذا الفارس
أن ينزل ؟ وأمام صلابة أسماء وقوة ايمانها أمر بانزال جسم الزبير واشتركت أمه فى غسله وكفنه وصلت هى عليه وحدها قبل أن يصلى عليه الناس .
وبعد أيام من دفن ابنها عبد الله لبت نداء ربها صلبرة محتسبة مؤمنة .
كانت كريمة ، تنفق كل ما معها ولما كثر الخير والمال عندها واذا مرضت تعتق كل مملوك لها . وكانت شجاعة ، ففى زمن الخلفاء كثر
اللصوص فكانت تضع خنجرا تحت رأسها لتدافغ به عن نفسها .
كانت قوية الايمان ، قدمت اليها أمها قتيلة الى المدينة وكان أبو بكر قد طلقها فى الجاهلية ولا تزال على الشرك وقد حملت لابنتها زبيبا
وسمنا .. فأبت أن تقبل هديتها أو تدخلها بيتها حتى تسأل رسول الله ،فقال لعائشة: لتدخلها بيتها وتقبل هديتها.
لقد أدت رسالتها على أكمل وجه وانها لأعظم رسالة ،فيها الأسوة والقدوة لكل فتاة مؤمنة معتزة بربها ودينها ونفسها
رحم الله أسماء بنت أبى بكر ، ذات النطاقين وأخت أمنا عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها وأرضاها
روى عنها أبناؤها عبد الله وعروة وأحفادها
توفيت عن عمر يناهز مائة عام . وكانت خاتمة المهاجرات والمهاجرين وفاة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]